في شباط 2005 أستبيح دم الرئيس رفيق الحريري،لإفتعال الفتنة في لبنان،والفتنة مع سوريا،وفي غمرة الإنفعال والمأساة تسلل البعض من اللبنانيين والخارج،لحمل قميصه للمطالبة بالثأر،من المتهم دون دليل،ومن القاتل بالشبهة،ونبشوا شعاراتهم المخبوءة،منذ بوسطة عين الرمانة،و الإجتياحات الإسرائيلية المتلاحقة،ليعلنوا أن الولادة الجديدة للبنان المحايد،ولبنان الملتصق بالمشروع الغربي،والمعزول عن محيطه العربي قد نجحت هذه المرة،بعدما أجهضت أكثر من مرة في العام 1975 وعام 1978 وعام 1982 ومحاولات التلقيح الناري بالمجازر في قانا وعناقيد الغضب.
وكانت المساندة الأقوى في حرب تموز 2006،وكادت الولادة تنجح بدماء رفيق الحريري رغما عنه،لكن حبلا سريا ضيقا بشر في ساحة الشهداءبشفاه شقيقته السيدة بهية الحريري أن اللقاء مع سوريا ومع الأشقاء،سيعود ،في لحظة ما عندما تنقشع ( السماء الزرقاء)،ويذوب ثلج التضليل،ولم ييأس القاتل،وبقي يشعل النار لحرق لبنان ووحدته الوطنية،بالإغتيالات ،حتى لا تنطفئ جذور الفتنة ،لسرقة لبنان من أحضان عروبته،ولقطع أيدي الوطنيين الذين صمدوا بوجه الفتنة،ووجهها الأشرس المتمثل باليد الإسرائيلية والتحريض الأميركي،وغرق لبنان تحت وطأة الأمواج الملتهمة والرياح العاتية،التي دعا بعضهم لإغتنامها،لإقتلاع المقاومين والهرب بلبنان،إلى حيث يرديد المشروع الإستعماري،وأخذه ليعلن من خلاله ولادة الشرق الأوسط الجديد.
لكن رفيق الحريري ،العربي والوطني،الذي ضاق صدره،وهو يرى الخطباء الذين أنكرهم سابقا يطالبون بالثأر على منبره قرب ضريحه،ويعلنون الإنتصار،على أشقائه ومواطنيه،فأوعز لبضعة منه،يحمل إسم وكنيته،أن عد لدفاتري القديمة،وإقرأ سطورها،وزين كلماتك بحروفها وإجعل دمي قلادة خطك السياسي،الذي لا أسمح أن يكون إلا في خدمة لبنان وقضاياه،في خدمة القضية المركزية وقضية فلسطين،فإن سرت بذلك،عمدتني شهيدا للقضية،بدل أن أكون وقودا للفتنة،وهذا ما لم أسعى إليه،بل حاربته بالطائف وبالحوار مع سوريا،وبالحوار والتضامن مع المقاومة.
في 14 شباط 2010 إستعاد رفيق الحريري دمه،ليعلن خليفته سعد رفيق الحريري،أن النوافذ على العرب لن تقفل،وأن بوابة العبور إلى سوريا لن تغلق،وأن الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى بوجه التهديدات الإسرائيلية،وأن العدو الأساس هو إسرائيل،والأهم أن سعد الحريري لم يكن وحيدا في إستعادة دم والده،بل تيار المستقبل خصوصا في ساحة الشهداء بعد زيارة الحريري إلى دمشق،وجرأته في إعلان إستمراريته بالحوار معها والعداء لإسرائيل شكلت إستفتاء لجمهور الحريري،بأنهلا يرفض الزيارة ويرفض الشعار وأن ما ظهر من برودة منه لتقبل نتائجها،كان يسبب سرعة التغيير في المواقف،وليس ضد المبدأ والمضمون،ويستطيع الحريري، المفاخرة بقدرته بالإمساك بجمهوره في خياراته الجديدة،وليعلن أيضا رفغه الغطاء عن أي طرف سواء كان من طائفته،أو غيرها،يتاجرة بدم أبيه،ويتخذ منه قناعا لمخططاته المشبوهة،كما جرى في مجدل عنجر،أو كما يمكن أن يحدث فيما بعد،ورفع الغطاء عن شعارات العداء لسوريا والمقاومة والوحدة الوطنية ليعلن الحريري الإبن إستعادة دم والده،من بازار المخططات الذاتية لبعض القوى الداخلية والخارجية،متكئا على المملكة السعودية كراعية وحاضنة لعلاقته مع سوريا وفق منظومة شراكة في أكثر من ملف عربي ظهرت بوادره في الملف الفسطيني والملف اليمني غير المعلن،ولإنفتاحه الأخرين،بل ومصالحته مع بقية الأطراف،وتأييده لبقية المصالحات بين القوى المتخاصمة في لبنان والتي أفرزتها السنوات الخمس.
إن 14 شباط 2005 تعلن نهاية المتاجرة بدم رفيق الحريري،وبداية العودة إلى الوحدة الوطنية بمواجهة الإعتداءات والتهديدات الإسرائيلية،وحتى لا يستفرد الحريري بين حلفائه لا بد من تأمين الإحتضان له ولجمهوره والدعم لمسيرته الجديدة،ليستعيد دفاتر والده الشهيد،وإتفاقاته وحواراته ،حتى يستطيع لبنان التفلت من بؤرة الفتنة المذهبية والطائفية،ولكي تصمد المقاومة بوجه العدو الإسرائيلي لا بد لها من رعاية السلم الأهلي،وحصار أصوات النشاز الذين يمكن أن يدفعهم الناس من فشلهم المتكرر أو التحريض الخارجي للقتال بالنيابة عن غيرهم،من إفتعال الحوادث،أو بث السموم السياسية في مناخ التوافق والحوار.
حكومة الوحدة الوطنية مدعوة لإحتضان المصالحات،ومعالجة القضايا الحياتية للمواطن لتحصين الساحة الداخلية،للتفرغ لمواجهة العدو المتربص بلبنان،لعل البعض يخجل من تحميل المقاومين وسلاحهم مسؤولية أي حرب قادمة،و لم يقرأ أن المجازر الإسرائيلية في لبنان،بدأت قبل ولادة المقاومين أنفسهم،وقبل المقاومة،لكنها بالتأكيد،حدثت بعد ولادته هو،لكنها لم تصب بشظاياها ورصاصها أي قريب له،ولم تهدم أي بيت له،والمشكلة أنه لا يتطلع إلى السماء بل إلى الأرض،والإكان شاهدا على دخان الطائرات الإسرائيلية في السماء الزرقاء.
بعدما إستعاد الرئيس رفيق الحريري دمه،فلنستعد جميعا وحدتنا وعيشنا المشترك،لنستعيد قوتنا التي تشتت وأهدرت في زواريب الفتنة والحرب الأهلية.
نسيب حطيط